قديماً، كان يوجدُ مرضٌ يُسمى الموت الأحمر!! هل تعلمون ما هو؟ بالضبط، هذا المرض ليس إلّا الحمى القرمزية، العدوى البكتيرية التي تصيب الحلق وتسبب طفحاً جلدياً أحمر اللون.
كانت الحمى القرمزية مرضاً مخيفاً جداً في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، قبل اختراع المضادات الحيوية التي جهلتها مرضاً بسيطاً يسهل علاجه. في هذا المقال، سنتعرَّف بشكلٍ دقيق على الحمى القرمزية وأسباب الإصابة بها. كما أنّنا سنغوص أكثر لنكتشف العلامات التي تدل على هذا المرض، ونتعلَّم طرق العلاج المتاحة. وذلك لنعلم هل الحمى القرمزية خطيرة أم لا. تابعوا معنا…
ما هي الحمى القرمزية ؟
الحمّى القرمزيّة هي عدوى بنوع من البكتيريا تسمى المكورات العقدية، والتي لا تسبب عدوى الحلق فقط (المعروفة باسم “التهاب الحلق العقدي”) ولكنها تنتج أيضا مادة سامة تسبب الطفح الجلدي المميز للحمّى القرمزيّة. وتجدر الإشارة، إلى أن بعض الأشخاص أكثر حساسية للسم من غيرهم، لذلك لن يصاب كل فرد في الأسرة بالعدوى بالطفح الجلدي، حتى لو كان مصاباً بالتهاب الحلق.
تنتشر الحمى القرمزيّة عن طريق السوائل من الشعب الهوائية (إفرازات الجهاز التنفسي)، كما هو الحال أثناء السعال والعطاس. بعد التعرض لهذه السوائل، في غضون 2-5 أيام، قد يحدث الطفح الجلدي وقد يكون مصحوباً بالحمى والخمول والتهاب الحلق والغدد الليمفاوية الرقيقة.
ما هي أسباب الحمى القرمزية عند الكبار ؟
تسبب بكتيريا المكورات العقدية من المجموعة A الحالة للدم بيتا الحمّى القرمزية. وكما ذكرتُ آنفاً تنتج البكتيريا سماً يؤدي إلى الطفح الجلدي الأحمر الذي سميت العدوى باسمه. تسبب البكتيريا التهاب الحلق والقوباء ويمكن أن تؤدي إلى الحمى الروماتيزمية.
تعيش مجموعة البكتيريا العقدية A في أذنيك وأنفك وحلقك وعلى جلدك. يمكن للأشخاص المصابين أن ينشروا المرض بسهولة عن طريق السعال أو العطاس. السعال أو العطاس يخلق قطرات صغيرة تحتوي على البكتيريا. إذ يتم إرسال هذه القطرات إلى الهواء. ويمكن أن يصاب الكبار أو الصغار بالمرض إذا:
- تنفس الشخص القطرات الصغيرة المنبعثة أثناء عطاس شخص مصاب.
- لمس الشخص سطحاً يحتوي على القطرات ثم لمس أنفه أو فمه.
- أكل الشخص من نفس الطبق أو شرب من نفس الكأس للشخص المريض.
- لمس الشخص القروح على الجلد الناجمة عن المجموعة العقدية A.
في حالات نادرة جداً، يمكن أن يصاب الأشخاص بالبكتيريا العقدية A عن طريق تناول طعام لم يتم التعامل معه بشكل صحيح. ولا يعتقد العلماء أن بكتيريا المكورات العقدية من المجموعة A يمكن أن تنتشر عن طريق لمس الحيوانات الأليفة أو الأدوات المنزلية مثل الألعاب.
ما هي أعراض الحمى القرمزية عند الكبار ؟
أعراض الحمى القرمزية عند الكبار التي تظهر عادة في البداية هي الحمى والتهاب الحلق. والعلامة الأكثر وضوحاً للحمّى القرمزيّة هي طفح جلدي أحمر اللون. ومع ذلك، أقل من 10٪ من حالات البكتيريا العقدية يكون لها طفح جلدي مصاحب.
أعراض الطفح الجلدي:
- قد يظهر طفح جلدي أحمر لأول مرة حول رقبتك وصدرك.
- قد ينتشر الطفح الجلدي إلى ظهرك وذراعيك وساقيك ووجهك.
- قد تكون هناك منطقة شاحبة حول فمك.
- قد تصبح تجاعيد الجلد والنمشات (نتوءات صغيرة حمراء أو أرجوانية) في الإبطين والمرفقين والفخذ حمراء أكثر وضوحاً من بقية الطفح الجلدي (خطوط الباستيا).
- قد ينتشر التقشير بعد سبعة إلى عشرة أيام من تلاشي الطفح الجلدي، خاصة على أصابعك.
أعراض الفم والحلق:
- يتكون على لسانك طبقة بيضاء اللون.
- سيبدو لسانك منتفخاً، وأحمر اللون، ومتكتلاً، ويبدو مثل الفراولة.
- قد تكون اللوزتين والحلق منتفختين وحمراء ومتقرحتتين.
- قد تحتوي اللوزتين والحلق على طلاء أبيض أو أصفر أو نقاط من القيح الأبيض أو الأصفر.
- يمكن أن تواجه صعوبة في البلع.
وتشمل اعراض الحمى القرمزية المحتملة الأُخرى ما يلي:
- قشعريرة.
- آلام في المعدة.
- استفراغ و غثيان.
- صداع.
- آلام في الجسم والعضلات.
- تورم الغدد.
- قلة الشهية.
- نتوءات صغيرة حمراء أو أرجوانية على سطح فمك.
ما هي علامات الشفاء من الحمى القرمزية ؟
العلامات الرئيسية للتعافي من الحمّى القرمزيّة تشمل تحسن الأعراض العامة مثل الحمى والتهاب الحلق. بعد بداية العلاج بالمضادات الحيوية، يجب أن يبدأ الشخص في الشعور بالتحسن خلال 24 ساعة. ومع ذلك، من المهم أن يستمر الشخص في تناول المضادات الحيوية حتى نهاية الجرعة الموصوفة، حتى لو شعر بالتحسن، للحد من خطر الإصابة بمضاعفات. عموماً، تشمل علامات الشفاء من الحمى القرمزية ما يلي:
- الجلد قد يبدأ في التقشر بعد أسبوع أو أكثر من بداية الأعراض، وهذا جزء طبيعي من عملية الشفاء.
- تحسن الحالة العامة للمريض، مثل الشعور بالنشاط والحيوية.
- تلاشي الطفح الجلدي الذي يعتبر أحد العلامات الرئيسية للمرض.
- عودة الشهية والقدرة على الأكل بشكل طبيعي.
- انخفاض درجة الحرارة والتحسن في الحالة الصحية العامة.
- تحسن في الحالة النفسية والنوم الجيد.
هل الحمى القرمزية معدية للكبار ؟
يكثر شيوع الحمّى القرمزيّة بين الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين سنتين و8 سنوات. ومع ذلك، يمكن للأشخاص في أي عمر أن يصابوا بالمرض. وعلى الرغم من أن الحمّى القرمزيّة كانت في الماضي من أمراض الطفولة الخطيرة، إلا أن المضادات الحيوية جعلتها أقل تهديداً. لكن هل الحمى القرمزية معدية للكبار ؟
أجل هي معدية للكبار، نظراً لأنها تنتشر بسهولة، فمن المحتمل أن تؤثر الحمى القرمزية على أي شخص يكون على اتصال وثيق بشخص مصاب بالتهاب الحلق أو عدوى جلدية تسببها بكتيريا المكورات العقدية.
تظهر أعراض الحمى القرمزية فقط عند الأشخاص المعرضين للسموم التي تنتجها البكتيريا العقدية. علماً أنه سيكون لدى معظم الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 10 سنوات مناعة ضد هذه السموم. لذلك، قد لا تظهر أعراض الإصابة لدى الكبار.
هل يمكن الاستحمام بعد الحمى القرمزية ؟
نعم، يمكن الاستحمام بعد الإصابة بالحمى القرمزية، لكن يجب اتباع بعض الاحتياطات لتجنب المضاعفات أو الإزعاج. حيث لا يوجد ما يمنع من استحمام الشخص المصاب بالحمى القرمزية، فالماء لا يؤثر على المرض، وقد يساعد في تخفيف الحرارة والحكة. لكن يجب تجنب استخدام المنظفات الكيميائية أو العطورات التي قد تزيد من تهيج الجلد. كما يجب تجفيف الجلد برفق بعد الاستحمام، وتجنب فركه أو خدشه. بالإضافة إلى ذلك، ينصح بارتداء ملابس قطنية ناعمة وفضفاضة تسمح بتهوية الجلد. وتذكّر أنَّه، يجب تجنب درجات الحرارة المتطرفة واستخدام مياه فاترة فقط.
هل الحمى القرمزية هي نفسها الحمى الوردية ؟
لا، الحمّى القرمزيّة تختلف عن الحمى الوردية وليستا نفس المرض. الحُمى القرمزيّة هي عدوى تسببها بكتيريا تسمى المكورات العنقودية من الفئة أ (group A strep)، وتتميز بطفح جلدي أحمر وحمى عالية وتورم في اللسان، ويمكن أنْ تصيب الأطفال والبالغين. وتحتاج للعلاج بالمضادات الحيوية لعملية الشفاء.أما الحمى الوردية هي عدوى فيروسية تسببها فيروسات من عائلة الهربس (herpesviruses)، وتتميز بطفح جلدي وردي وحمى متوسطة وتورم في الغدد الليمفاوية. تُصيب الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 أشهر وسنتين. ولا تحتاج للعلاج لعملية الشفاء.
ما هي مدة حضانة الحمى القرمزية ؟
كما ذكرنا مسبقاً، الحُمى القرمزيّة هي مرض معدٍ ينتقل عن طريق الاتصال المباشر مع شخص مصاب أو عن طريق الرذاذ الجوي المبعث من السعال أو العطاس. وتجدرُ الإشارة، إلى أنَّ مدة حضانة الحمى القرمزية هي ما بين 2 إلى 5 أيام بعد العدوى بالبكتيريا المسببة للمرض (المكورات العنقودية من الفئة أ). ومع ذلك، قد تكون مدة حضانة الحمى القرمزية أقل من يوم واحد أو أكثر من 7 أيام. إذ يمكن علاج الحمى القرمزية بالمضادات الحيوية، وينصح بالبقاء في المنزل لمدة 24 ساعة على الأقل بعد بدء العلاج لتجنب نشر العدوى.
ما هي طرق علاج الحمى القرمزية ؟
يتم علاج الحمى القرمزية عادة باستخدام دورة مدتها 10 أيام من المضادات الحيوية المختارة. وعادة ما يكون ذلك على شكل أقراص أموكسيسيلين أو بنسلين، في حين قد يُنصح بالمضادات الحيوية السائلة للأطفال الصغار. بالنسبة للمرضى الذين لديهم حساسية من البنسلين، يمكن تقديم بعض المضادات الحيوية البديلة مثل الاريثروميسين.
خلصت الدراسات السريرية والمخبرية إلى أن البنسلين هو العلاج بالمضادات الحيوية الأكثر فعالية ضد العقديات الانحلالية. وقد وجد سابقاً أن البنسلين أكثر نشاطاً ضد هذه البكتيريا من السلفوناميدات في الدفاع عن الفئران ضد الالتهابات المميتة التي يسببها هذا النوع من الكائنات الحية.
وجدير بالذكر أنَّ هناك إجراءات أُخرى تساعد في علاج الحمى القرمزية تتضمن:
- شرب الكثير من السوائل لترطيب الحلق ومنع الجفاف.
- استخدام مستحضر الكالامين أو أقراص مضادة للهيستامين لتخفيف الحكة.
- تقديم العسل لتهدئة الحلق. (لا تعطي العسل للأطفال دون عمر السنة).
- استخدام مسكنات الألم مثل الباراسيتامول أو الإيبوبروفين لخفض الحرارة وتخفيف ألم الحلق. لا تعطي الأسبرين للأطفال دون سن 16 عاماً.
- استخدام حل الغرغرة بالماء المالح للأطفال الأكبر سناً والبالغين. اخلط 1/4 ملعقة صغيرة (1.5 غرام) من ملح الطعام في كأس من الماء الدافئ، وابصق السائل بعد الغرغرة.
الأسئلة الشائعة
الحمى القرمزية هي مرض الطفولة الكلاسيكي، لكن يمكن لأي شخص أن يصاب بهذا المرض. ومع ذلك، فهو أكثر شيوعاً بين الأطفال الذين يذهبون إلى الحضانة أو المدرسة.
تتضمن الأعراض الشائعة لـ الحمّى القرمزيّة حمى عالية وطفح جلدي أحمر ولسان أحمر. إذا لم يتم علاجها، قد تسبب مضاعفات خطيرة تؤثر على القلب والكلى والمفاصل.
يمكنك معرفة أنك تعافيت من الحمى القرمزية إذا اختفت الأعراض الرئيسية للمرض، مثل الحمى والتهاب الحلق والطفح الجلدي. عادة ما تستمر هذه الأعراض لمدة أسبوع تقريباً، بعد ذلك، قد يتقشر الجلد المصاب بالطفح.
عادة لا تتحمل النساء الحوامل خطر نقل أي آثار ضارة إلى أطفالهن الذين لم يولدوا بعد إذا أصيبوا بهذه العدوى. ومع ذلك، يجب الحرص على عزل النساء الحوامل وكبار السن عن الأشخاص والأطفال المصابين بالعدوى.
عادة ما يكون هناك من يوم إلى 3 أيام بين الإصابة وتفشي المرض. فإذا تم علاج الحمى القرمزية بالمضادات الحيوية، بعد 24 ساعة من الجرعة الأولى، لا يوجد خطر للعدوى بعد ذلك. لكن بدون المضادات الحيوية، يصبح المرضى معديين لمدة تصل إلى 3 أسابيع بعد ظهور الأعراض الأولى.
بشكل عام، يمكن إجراء التشخيص بناءً على الصورة السريرية، وعادةً لا تكون هناك حاجة لإجراء اختبارات.
إذا كان هناك أي شك في التشخيص، يمكن للطبيب أن يأخذ مسحة من الحلق وإرسالها إلى المخبر للفحص. لكن ظهور النتائج سيستغرق بضعة أيام، لذا إذا كان هناك شك في الحُمى القرمزيّه، فمن الأفضل عادةً بدء العلاج بالمضادات الحيوية على الفور.
لا تتردد، واسأل طبيبك في كل الأوقات….
المصادر
