إدمان مشاهدة الإباحية موضوع هام، وسبق وأن كتبنا مقالة بعنوان “معلومات مهمة عن إدمان الأطفال للمواقع الإباحية” تناولنا فيها مقدمة عن بعض الأخطاء التي تسلم في النهاية إلى إدمان مشاهدة المشاهد الإباحية، وسنتناول اليوم الخطوات التي يمكن اتخاذها من جانب مدمن مشاهدة المواقع الإباحية حتى ينجو من الإدمان.
إدمان مشاهدة الإباحية وأثرها على المدمن:
- إدمان مشاهدة الإباحية من الموضوعات التي لا تكفيها مقالة واحدة، وأحاول في تلك المقالة الاتجاه للهدف مباشرة بدون مقدمات.
- فأنا على يقين من أن هناك من قراء تلك المقالة الآن من يتشوق لمعرفة الإجابة على السؤال الموجود في العنوان وهو كيفية النجاة من إدمان مشاهدة المواقع الإباحية.
- وذلك لأن معتاد مشاهدة تلك الأفلام يشاهدها رغم إرادته وليس بإرادته، حتى وإن أقنع نفسه بغير ذلك، لأنه إن حاول الامتناع عن المشاهدة،
- لكنه لن يستطيع تنفيذ ذلك بسهولة.
- إن أهم أثر على المدمن من مشاهدة تلك الأفلام هو شعوره بالذنب بعد مشاهدة تلك المشاهد، نعم، تلك هي الحقيقة.
- فالشعور بالذنب ليس أمر محمود في كل الأوقات، لأن الشعور بالذنب المبالغ فيه يؤدي في الخطوة التالية إلى احتقار الذات، وعدم الاعتداد بها أمام النفس.
أثر احتقار النفس على مدمن مشاهدة الأفلام الإباحية:
- إن احتقار النفس يعني أنه في الحوار الداخلي بين المدمن ونفسه، يكون هو الطرف المنبوذ الضعيف.
- وهذا الأمر له تأثيره القوي على سلب إرادة المدمن وعدم مقدرته على تنفيذ إرادته بالامتناع عن مشاهدة تلك الأفلام أو المشاهد.
- لذا ستكون تلك المقالة مناقشة لبعض الأفكار التي تصب في اتجاه تدعيم ذات المدمن.
- والتي يمكنه بعد قراءة تلك المقالة تناول تلك الأفكار بينه وبين نفسه في حديثه معها ليدعم ذاته أمام هذا الاحتقار.
مناقشة الأمور الخاصة بالاتصال الجنسي لا يعتبر عيباً:
- في البداية يجب أن نؤكد على ما ذكرناه في المقالة السابقة بأن مناقشة الأمور الخاصة بالاتصال الجنسي ليس من الأمور التي تشين صاحبها.
- ولكنها من الأمور الطبيعية، لأن الشهوة الجنسية من الغرائز الموجودة في الإنسان، والتي أمرنا الله في الشريعة الإسلامية بل وفي كل الشرائع السماوية بضبطها وليس منعها.
- ولكن أمرنا بضبطها وعدم ممارستها إلا في إطار الزواج.
الفارق بين ممارسة الجنس في إطار الزواج ومشاهدته خارجه:
هناك فارق جوهري جداً بين ممارسة الجنس في إطار الزواج، وممارسته أو مشاهدته خارج إطار الزواج.
هذا الاختلاف الجوهري يكمن في الحالة النفسية التي يكون عليها الإنسان بعد ممارسة الجنس.
الجنس في إطار الزواج
الجنس في إطار الزواج يكون الزوج فيه في أشد أنواع الفخر حين يقوم بأداء واجباته الزوجية على النحو الأكمل.
بحيث أنه بعد الاتصال الجنسي يمكنه القيام بأي عمل وهو في أعلى درجات الثقة بالنفس.
الجنس في إطار مشاهدة الإباحية
- الجنس في إطار مشاهدة المشاهد الإباحية يكون المدمن فيه في أدنى درجات الشعور بالذات.
- وفي حالة يأس من الخروج من دائرة الإدمان، وهي الشوق ثم مشاهدة ثم الندم ثم احتقار الذات، ثم الشوق مرة أخرى.
- دائرة مغلقة يشعر فيها المدمن بأنه لا يمكنه الخروج من تلك الدائرة مدى الحياة.
- إلا أن الحقيقة أن الخروج ممكن ويسير وسهل وجائز جداً، ولا يوجد مانع له على الإطلاق.
تأثير الإدمان على أنشطة المخ:
- طبياً فإن العبارات السلبية والأحداث السلبية التي يمر بها الإنسان تحدث تغييراً في كيمياء المخ.
- كما أن مشاهدة الأفلام الإباحية تحدث تغييراً في نشاط المخ.
- ففي العبارات السلبية يشعر المدمن بأنه في أدنى حالاته، ويستجيب الجهاز العصبي لهذا الشعور، فيشعر المدمن بصداع مزمن وأوجاع في العظام.
- وغيرها من الأعراض التي تسبق احتياجه للخروج من تلك الحالة.
- في مشاهدة الأفلام الإباحية ينتج المخ عناصر مبهجة ومحفزات لا تخرج إلا في الشعور بالمكافئة.
- نعم إن منظومة السعادة تتغير في المخ، فبدلاً من أن يشعر المدمن بالسعادة عند تحقيق إنجاز في حياته.
- لا يشعر بالسعادة إلا في تناوله لما يدمنه، ولا يشعر بالسعادة في غيره.
طريق التأثير على المخ للخروج من الإدمان:
- تؤكد الدراسات والأبحاث أن للكلمة الطيبة تأثير فعال وواضح في إصلاح نشاط المخ وإعادته لطبيعته.
- والمهم أن الكلمة الطيبة التي يرددها المدمن لتساعد المخ على إصلاح نشاطه لا تكون مجرد كلمات يرددها.
- ولكنها كلمات يوقن من صدقها وفعاليتها في حياته، والآن سنتناول بعض من تلك الأفكار الإيجابية.
لا تحاول أن تكون مثالياً طوال الوقت
أساس احتقار الذات، والشعور بالذنب، هو العبارات القاسية التي يقولها المدمن لنفسه بعد عجزه عن عدم تحقيق الصورة المثالية التي يتمناها لنفسه، بعدها يكون في أسوأ حالاته.
لكسر تلك الفكرة يجب أن يوقن المدمن من أنه لن يصل للمثالية المطلقة مهما فعل، وأن كل البشر معرضون للخطأ وتعديله، ومعرضون للذنب والاستغفار.
فكل السلبيات التي يفعلها الإنسان في حياته مجرد أحداث يمكن الاستفادة منها لتعديلها في الخطوة التالية.
فلا تجلد نفسك لوجود تلك السلبيات في حياتك، فالكمال لله وحده، ولو أراد أن يخلقنا الله ملائكة لا نخطئ لفعل، ولكنه أراد أن يخلقنا بشراً لنستعين به على تطهير أنفسنا.
كل يوم جديد في حياتك وليس تكرار للماضي
ينطلق الشعور باليأس داخل عقل المدمن، من شعوره بأن حياته أصبحت دائرة مغلقة من سلسلة لإدمان.
بحيث أنها لا تتجدد، شوق، تعاطي، ندم، شوق، تعاطي وهكذا.
ولكن الحقيقة أن اليوم الجديد هو يوم جديد بحق، وأن الحدث السلبي بمشاهدة الأفلام الإباحية لا يتكرر بحق، ولكنه في الحقيقة حدث جديد.
فحين يتكرر الفعل السلبي في المرة القادمة انظر إلى الجوانب الإيجابية للحدث الجديد، فستجد أن استجابتك له أقل.
ومشاهدتك للمواد الإباحية لم تأخذ نفس الوقت، وأن قدرتك على الانسحاب وعدم الاستسلام أصبحت أكبر.
هذا كله لأن كل مرة في الحقيقة حدث جديد، حدث جميل، وليس تكرار للماضي.
استخدم فن الدعاء في حياتك كلها
- بعد قراءتك لتلك السطور من مقالتي، لن تصبح أفضل رجل في العالم، ولن تكون أقوى رجل في العالم، بل ستظل إنساناً.
- له احتياجات، وله نقاط ضعفه وله نقاط قوته، له ما يميزه عن باقي البشر، وعليه بعض الملاحظات التي يجب عليه علاجها.
- لا تدع أحداث الحياة السلبية تسلمك للشعور بأنك عديم الإرادة وعديم القيمة وفقير، فإن هذا الشعور سيجعلك تحتاج لمنظومة المكافئة الخاصة بالإدمان،
- لأنه السبيل الوحيد للهروب من هذا الشعور.
- ولكنه في الحقيقة ليس الأسلوب الوحيد للخروج من هذا الشعور.
- فهناك سبيل آخر حين تجد نفسك في موقف سلبي، أن تدعوا الله بما تحتاجه من نجاح، وأن تستشعر قربه منك وتوقن من أنه سمع الدعاء.
- حينها ستنتقل من الحوار السلبي بينك وبين نفسك، إلى حوار أسمى وأرفع وهو الحوار بينك وبين الله عز وجل، حينها ستكون سلبياتك مفتاح لباب الدعاء لله عز وجل.
وختاماً
أذكرك قبل نهاية تلك المقالة بأنك إنسان، بكل ما في تلك الكلمة من معنى، كرمك الله، وسخر لك كل ما حولك.
وجعل فيك سر المعجزات، وجعل قدرك غائباً عنك، حتى يكون أملك ويقينك في الله مستمراً.
فلا تعلم متى يحقق الله أحلامك، ربما بعد لحظات، ومتى يتم شفاؤك من الإدمان، ربما بعد لحظات، لا شيء مستحيل مع الدعاء، لا شيء مستحيل مع الله.